تنتشر مشاكل النوم لذوي التوحد بما يقارب 60- 80٪ حيث يواجه العديد من الأهالي مشاكل وتحديات متعلقة بالنوم مع أطفالهم. قد يعتقد البعض بأن الأطفال من ذوي التوحد لن يستطيعوا النوم بطريقة جيدة طوال حياتهم. ولكن اطمئن!
الأطفال من ذوي التوحد لديهم نفس الفرصة بأن يحصلوا على نوم صحي مثل أقرانهم العاديين، وتشخيص الطفل بالتوحد لا يعني استمرار مشاكل النوم والأيام المتعبة مدى الحياة.
من المهم توضيح أن مشاكل النوم شائعة لدى الأطفال بشكل عام. حيث أن ما يقارب 50٪ من الأسر يواجهون مشاكل وتحديات متعلقة بالنوم مع أطفالهم العاديين. نرى أن الفرق في مشاكل النوم بين المجموعتين هو ارتباطها بالعمر. حيث تتحسن عادات النوم لدى الأطفال العاديين مع بلوغهم سن الرابعة أو الخامسة، بينما تستمر مشاكل النوم لذوي التوحد في مرحلة الطفولة والمراهقة وحتى في مرحلة البلوغ في بعض الحالات. لماذا يحصل ذلك؟ وما هي الأسباب؟
أولاً، يسعى بعض الأطفال من ذوي التوحد للحصول على بعض التجارب الحسية لتهدئة أنفسهم وضبط النظام الحسي لديهم. قد يكون هذا النوع من التنظيم الذاتي مفيدًا جدًا على مدار اليوم وقد يتم التوصية به كاستراتيجية علاجية للتعلم. فقد يقوم الأخصائيين بتشجيع الطفل على الدوران أو القفز أو الضغط العميق (على كف اليد مثلاً) قبل أو أثناء وقت التدريب، يمكن أن تساعد المدخلات الحسية (عن طريق الحواس) في التركيز لاكتساب المهارات الجديدة بالإضافة إلى تهدئة المتعلم أثناء وقت التدريب وأثناء التعرض للمواقف الجديدة. لهذا السبب يقوم بعض الأهالي بجعل الطفل يقوم بعمل أنشطة بدنية قبل وقت النوم لكي يتوقف الطفل عن "الحركات الاهتزازية" أو "لتفريغ الطاقة" معتقدين أن هذا سوف يرهق أطفالهم ويساعدهم على النوم. وعلى الرغم من عمل ذلك، قد يكون التأثير عكسياً حيث أن القفز والجري وغيرها من الأنشطة البدنية قد تفسد محاولات النوم.
حيث أن حركات القفز تُصنف في الجهاز الدهليزي (الجهاز المسؤول عن التوازن) تحت نمط الحركة من أعلى لأسفل وهذا النوع من الحركة ينبه الجهاز الحسي ولا يهدئه، وبالتالي يمكن أن يمنع بداية النوم بكفاءة. بالإضافة إلى ذلك تؤدي هذه الحركات البدنية ذات التأثير العالي وضربات القلب المكثفة إلى رفع درجة حرارة الجسم في الوقت الذي يحتاج فيه إلى خفض درجة الحرارة بضع درجات لكي يستعد الجسم للنوم. ونتيجة ذلك صعوبة وتأخر في النوم.
العامل الثاني في مشاكل النوم لذوي التوحد يمكن أن يكون الاعتماد على الكبير على الشاشات. بدأ هذا المتغير الجديد نسبيًا في الظهور عام 2010 عندما بدأ استخدام أجهزة الايباد iPad والهواتف الذكية كأجهزة ترفيه. وأيضاً زاد استخدام الأجهزة الذكية كأداة تعليمية لذوي التوحد بشكل كبير داخل الفصول التعليمية. في حين كان استخدامها ذا فائدة كبيرة خلال الوقت التعليمي، لكن! تم الاستمرار في استخدام الأجهزة إلى وقت متأخر من الليل وأيضا تحولت إلى روتين ما قبل وقت النوم في العديد من المنازل.
نظرًا لأن تقنية شاشة LED تُصدر ما يُعرف باسم "الضوء الأزرق"، فإننا نرى صعوبة أكبر في النوم. لماذا ا؟ لأن الضوء الأزرق مشابه لأشعة الشمس، وفي وجود ضوء الشمس لا ينتج الدماغ الميلاتونين وهو الهرمون الذي يشير إلى النوم في الدماغ. عندما ننظر إلى الضوء الأزرق خلال استخدام الشاشات الذكية قبل وقت النوم، فإن النتيجة هي تأجيل إنتاج الميلاتونين إلى ما يصل إلى 3 ساعات من الوقت الطبيعي لإفرازه، هذه ليست مشكلة خاصة بذوي التوحد، حيث يعاني الكثير من الناس حاليًا من صعوبة في النوم تزامننا مع قضاء وقت طويل أمام الشاشة بعد حلول الظلام. المختلف هنا هو ظهور السلوكيات غير المرغوب فيها (التي تظهر غالبًا على أنها إيذاء للذات أو عدوانية أو إتلاف للمقتنيات) وهذا يحصل عندما يحاول الأهل إنهاء وقت استخدام الشاشة لطفلهم ذوي التوحد مقابل المهمة المملة (أو حتى المكروهة) المتمثلة في الذهاب إلى النوم.
المتغير الثالث (الذي عادة ما يكون نتيجة أو منتج ثانوي للمتغيرين السابقين؛ وهو عدم القدرة على النوم بسرعة) عندما لا ينام الأطفال في الوقت "المعتاد" أو يواجهون صعوبة في النوم، فإن العديد من الأهل - بغض النظر عن حالة أطفالهم - يقومون بعمل بعض الأمور لكي ينام الطفل: مثلا: الاستلقاء بجانب الطفل وتشجيعه على النوم. أو قد ينام الطفل في مكان ويتم حمله إلى سريره بعد أن ينام. أو قد تقوم الأم بالجلوس بجانب الطفل أو على الأرض بجانبه أثناء نومه. أو تقديم زجاجة من الحليب لمساعدتهم على النوم.
تشترك كل هذه الاستراتيجيات في شيء واحد: أنها تختفي بمجرد أن ينام الطفل. فعندما يغمض الطفل عينيه يخرج الوالدان من الغرفة على أطراف أصابعهم بخفة وتنسل الأم بخفة من السرير كي لا يشعر الطفل. أو قد يتم سحب زجاجة الحليب بلطف وبعدها يتسلل الأهل للخارج بهدوء شديد بدون صوت. بعد ذلك بساعات قليلة، يستيقظ طفلك وهو يناديك أو يظهر بجانب سريرك لكي تساعده على العودة إلى النوم مرة أخرى.
لماذا يحدث هذا؟
سوف نناقش ذلك في المقال التالي بالإضافة إلى بعض الحلول.
نبذة عن الكاتبة:
تعمل إميلي في مجال تحليل السلوك منذ أكثر من 20 عامًا وقد ركزت في العشر سنوات الماضية على معالجة مشاكل النوم لذوي التوحد. وهي مهتمة بشكل كبير أيضا على التوعية حول أهمية النوم لذوي التوحد وأسرهم.
للمزيد من المصادر يمكنك زيارة www.readysetsleep.com أو على Instagram readysetsleep_
لطلب الخدمات أو لطلب دورات تدريبية للمختصين و فريق ABA يمكن التواصل مباشرة مع إميلي على البريد الإلكتروني emily@readysetsleep.com