حياتنا اليومية مليئة بالمواقف التي نحتاج فيها إلى استخدام المهارات التي نعرفها للقيام بالمهام المطلوبة، وهذه المهارات الكليّة الموجودة لدينا مكونة من مهارات جزئية متنوعة ومتراكمة من خبراتنا السابقة في الحياة، ولو تأملنا في أغلب سلوكياتنا اليومية لوجدنا أنها عبارة عن سلاسل سلوكية قمنا بتَعلُّمِها في مرحلة ما من حياتنا واحتفظنا بها في ذاكرتنا وأضفنا إليها المزيد من الخبرات مع مرور الزمن. وكل سلسلة سلوكية تحتوي على العديد من الحلقات التي تُكوّن هذه السلسلة.
مثال: عندما يقوم شخص بعمل وصفة طعام فإنه يستخدم العديد من المهارات والخطوات لإنجاح مهمّته. فيُقطّع اللحم ويُقشّر الخضروات ويغلي الماء ويستخدم الأدوات اللازمة كالسكين ويتّبع الخطوات الضرورية للحصول على النتيجة النهائية، وكل هذه الخطوات تسمى سلاسل أو حلقات سلوكية. وكل خطوة في وصفة إعداد الطعام تعتبر حلقة سلوكية. وتُعتَبَر الوصفة ككل بجميع خطواتها (سلسلة سلوكية).
خطوات المهارة ككل (سلسلة سلوكية) الخطوات (حلقات سلوكية) كل خطوة على حدة (حلقة سلوكية)
فإذا كان الفرد لا يستطيع تقطيع الخضار -مثلا- فإنه لن يكون قادرا على إتمام وصفة الطعام، وإذا لم يستطع عمل كل الخطوات (الحلقات السلوكية) فلن يستطيع أداء المهارة الكلية ولن يتمكّن من إكمال السلسلة السلوكية اللازمة.
قبل أن نقوم بتدريس هذه المهارة، نحتاج أولا إلى كتابة الخطوات اللازمة لهذه المهارة عن طريق تحليل المهمة (انظر تحليل المهمة). وتُدرَّس هذه الخطوات أو الحلقات بعد تجميعها كسلسلة سلوكية تحتوي على العديد من الخطوات.
لنحاول فهم كيف تتم عملية التسلسل من الناحية السلوكية:
المثير التميزي (Discriminative Stimulus): هو مثير قَبْلي يُوجِّه ويَضِبط السلوك، وذلك بسبب أنّ هذا السلوك قد عُزِّز في الماضي بوجود هذا المثير، ويُشار إليه اختصارا (SD). (انظر المثير التميزي)
التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement): هو مثير مرغوب يحصل عليه الفرد بعد قيامه بالسلوك، مما يؤدي إلى زيادة حدوث السلوك في المستقبل، ويُختصَر عادةً ) (SR+).
مهارة غسل اليدين كمثال:
تقول المعلمة للطفل "اغسل يدك": هذا المثير اللفظي يعتبر مثير تميزي لكي يقوم الطفل بخطوات غسل اليدين، لا أن يقوم بحلّ واجب الرياضيات مثلا. (إذا قام الطفل بعمل سلوك آخر فهنا يوجد مشكلة).
١- يمشي الطفل للمغسلة (إكمال هذه الخطوة يُعتَبَر مثير تميزي(SD) لكي يفتح صنبور المياه)
٢- يفتح صنبور المياه. (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية(SD) وهي أن يضع إحدى يديه تحت علبة الصابون السائل.
٣- يضع إحدى يديه تحت علبة الصابون السائل. (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة) (SR+ ومثير تميزي للخطوة التالية (SD).
٤- يضغط على الصابون باليد الأخرى. (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية (SD).
٥- يفرك يديه بالصابون (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية (SD).
٦- يضعها تحت الماء حتى يزول الصابون (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية (SD).
٧- يغلق الصنبور (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية(SD).
٨- يجفّف يديه بالمنشفة (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي للخطوة السابقة (SR+) ومثير تميزي للخطوة التالية (SD).
إكمال هذه الخطوات (الحلقات) بطريقة صحيحة سوف يؤدي إلى الحصول على يد نظيفة، وهذه الخطوات مرتبطة مع بعضها كسلسلة سلوكية من ناحية التعزيز الإيجابي والمثير التميزي. عدم إتمام هذه السلسلة بطريقة صحيحة لن يُمكّن الفرد من الحصول على النتيجة النهائية.
لكي نوضح المثير التميزي (SD) والتعزيز الإيجابي (SR+) لنأخذ مثالًا آخر
وصف عنوان من جهاز الجي بي إس، ( GPS)
الخطوات الموجودة:
١ - امشِ في شارع الورود لمسافة ٥٠٠ متر.
٢- انعطف يمينا من شارع الزهور. (إكمال هذه الخطوة تعزيز إيجابي (SR+) لخطوة المشي في شارع الورود السابقة ، وأيضا مثير تميزي (SD) لخطوة السير في شارع البريد التالية .
٣- انعطف يسارا من شارع البريد.
٤- الوجهة المطلوبة على الجهة اليمنى.
إكمال هذه السلسلة بطريقة صحيحة سوف يُمكّننا من الوصول إلى الوجهة المطلوبة، وكل خطوة مرتبطة كسلسلة مع بقية الخطوات من ناحية التعزيز الإيجابي والمثير التميزي. وعدم إتمام هذه السلسلة بطريقة صحيحة من الممكن أن يؤدي إلى الضياع في الطريق وعدم الوصول إلى الوجهة المطلوبة.
لكن هناك نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار:
أولا: يجب التأكد من أنّ الطفل لديه المهارات القَبْلية الأساسية، وإن لَم تكن موجودة وجب تعليمها.
ثانيا: يجب أن تُحدد المعززات التي يفضلها الطفل وأن تُستخدَم لتعزيز الطفل.
ثالثا: يجب تحديد نوع المساعدة أو التلقين التي يحتاجها الطفل ليقوم بعمل الخطوات بطريقة صحيحة ( انظر التلقين و المساعدة)
رابعا: اختيار طريقة التدريس المناسبة، للمزيد عن بعض هذه الطرق (انظر طرق التدريس)