top of page
د. أروى عبدالله العمودي

ما مدى أهمية مهارة التقليد؟ (Imitation)

يبدأ الأطفال منذ مرحلة مبكرة بالتعلُّم عن طريق ملاحظة والديْهم وتقليد ما يقومون بعمله مما يُسهم في تعلّم العديد من المهارات كتعلّم نطق الأحرف والكلمات، مهارات الحياة اليومية، المهارات الاجتماعية وغيرها من المهارات، ثمّ وفي سن المدرسة يبدأ الطفل بتقليد مُدرِّسه وهو يعلّمه بعض المهارات الأكاديمية، وأيضًا يُلاحظ -الطفل- زملائَه وهم يلعبون الألعاب الجماعية (ككرة القدم وكرة السلة) فيُقلّدهم ويلعب معهم، وعادة ما يستمر الشخص في التعلّم من خلال ملاحظة الآخرين أو عن طريق البحث عن مهارة محددة لتعلمها مثل البحث عن مقاطع فيديو تعليمية لكيفية تركيب جهاز جديد، أو كيفية عمل طبق جديد وغيرها من المهارات المختلفة .

لكن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي التوحد قد يحتاجون إلى تدريب مُكثّف لتعليمهم المهارات المُختلِفَة حيث أنّ العديد منهم يتعلمون الملاحظة والتقليد بطريقة مُختلفة عن أقرانهم العاديين. لذلك يتم استهداف مهارة التقليد لتدريب الأطفال في مرحلة مبكرة من أجل تطوير الانتباه والملاحظة لكي يستطيع الطفل التقدّم في تعلّم المهارات المُتعدِّدة.


أنواع التقليد:

- التقليد بدون استعمال أدوات: يقوم الطفل بتقليد بعض الحركات مثلًا: يصفق، يقفز، يجلس، يضع سبابة اليد اليُمنى على سبابة اليد اليُسرى بعد أنْ يقوم المعلم بهذه الحركات.

- التقليد باستعمال أدوات: يقوم الطفل بالتقليد باستخدام أدوات كأنْ يضع المكعب داخل الكوب، أو أنْ يضع المكعب على المكعب لبناء برج بعد أنْ يقوم المدرّب بعمل ذلك. أو عن طريق تقليد الحركات كرمي كرة السلة في السلة بعد أنْ يقوم المدرب برمي الكرة في السلّة.

- تقليد نطق الأصوات والكلمات: يقوم الطفل بتقليد نطق الأحرف والكلمات أو بتقليد حركات لغة الإشارة بعد نطق المدرب للأحرف أو قيامه بحركات لغة الإشارة.


قد يقوم الطفل بتقليد نموذج مباشر كأنْ يقوم بعمل المهارة بعد أنْ يقوم المعلم بعملها، أو قد يقلد نموذجًا في مقطع فيديو.


طريقة التدريب:

1- يتم تجهيز الأدوات التي سوف تُستَخدَم في حالة تدريب التقليد باستخدام أدوات.

2- يُعطى المُثير اللّفظي للطفل مثل "اعمل كذا" ويتم عمل الحركة المطلوب تقليدها أمام الطفل مثلًا: (وضع القلم داخل الكوب).

3- عند حاجة الطفل للتلقين يتم تقديمه فورًا (للمزيد عن التلقين) لكي يقوم بتقليد الحركة المطلوبة بطريقة صحيحة.

4- يُعزّز الطفل.

5- نكرّر المحاولة مرّات عدة مع تخفيف التلقين تدريجياً.

6- نُعمّم المهارة (وهذا هو ما نسعى إليه من تعليم هذه المهارة). لأنّ الهدف ليس إتقان المهارة على طاولة التدريب فقط بل على مدار اليوم وفي أماكنَ مختلفة ومع أشخاصٍ كُثُر.

تعميم مهارة التقليد في البيئة الطبيعية: (بعض الأمثلة المقترحة):

مهارة التقليد لتطوير مهارات الحياة اليومية:

يتم استخدام مهارة التقليد لتطوير العديد من مهارات الحياة اليومية مثل: تدريب الطفل على غسل اليدين، الأكل بطريقة صحيحة، ترتيب الملابس، وأيضا، ترتيب ومسح الطاولة بعد الانتهاء من الوجبة، عمل الوَجَبَات الخفيفة وغيرها.

يعتمد تدريب هذه المهارات على قيام المدرّب بعمل المهارة (النمذجة) وبعد ذلك يقوم الطفل بتقليد عمل المهارة.


مهارة التقليد لتطوير المهارات الاجتماعية/ اللعب:

يتم إحضار أدوات متطابقة واحدة للمُدرِّب وأخرى للطفل مثلًا (سيارتين)، يقوم المدرب بتحريك سيارته للأمام، وبعد ذلك يقوم الطفل بتقليد المُعلّم وتحريك سيارته إلى الأمام أيضًا، (للمزيد عن تدريب مهارات اللعب)

يتم استخدام مهارة التقليد لتطوير المهارات الاجتماعية ومهارات اللعب، مثل تدريب الطفل على الألعاب الجماعية كالتدريب على لعب كرة السلة، بناء المكعبات وغيرها من الألعاب المُختلِفَة. (للمزيد عن تدريب مهارات اللعب)


مهارة التقليد لتطوير الصحة واللياقة:

يتم استخدام مهارة التقليد لتدريب الطفل على تقليد حركات التمارين الرياضية لتحسين اللياقة البدنية.


مهارة التقليد لتطوير مهارة التواصل:

يتم تدريب الطفل على تحسين النطق ومخارج الأحرف، وأيضًا عند استخدام لغة الإشارة فيقوم المعلّم بعمل الكلمة عن طريق لغة الإشارة ويقوم الطفل بتقليدها. (للمزيد عن تطوير النطق)


مهارة التقليد ليست فقط للأطفال بل هي أساس لتدريب العديد من المهن:

برامج التدريب المهنيّة تعتمد على المُحاكاة والتقليد وفيها يقوم المُدرِّب بعمل المهارة أمام المتدربين مثل (تركيب جهاز) ومن ثم يقوم المتدربين بتقليد المهارة (تركيب الجهاز) ثم يقوم المُدرّب بالتصحيح أو التعليق على محاولة المتدرّبين.

وظائف تركيب قطع الأثاث، صيانة الأجهزة، تغير الإضاءة وتنفيذ أعمال الديكورات الداخلية والخارجية، الأعمال اليدوية، أعمال المصانع تعتمد على التقليد.

بل وحتى التخصصات العلمية والطبية تعتمد أيضًا على التقليد مثل دخول طلبة الطب إلى العمليات الجراحية وتقليدهم للأطباء شيئا فشيئا، ولا يكاد شيءٌ يُتعَلّم إلا وللتقليد منه نصيب.


عادة ما يقوم الأشخاص العاديين بالنظر والبحث في مقاطع اليوتيوب لكيفية إصلاح جهاز لا يعمل أو كيفية عمل طبخة معينة، وآلية العمل فيها تعتمد على الملاحظة وتقليد النموذج.


نقاط تؤخذ بعين الاعتبار:

- مهارة التقليد تُعتَبر من المهارات ذات المفهوم الشامل لذلك يجب عدم قصرها على طاولة التدريب بل يتم تدريبها على مدار اليوم وفي كل مكان.

- في حالة إتقان الطفل لمهارة التقليد بدون استخدام الأدوات، يتم الانتقال إلى تدريب التلقين باستخدام أدوات مناسبة من بيئته لتطوير جانب مهارات الحياة اليومية أو اللعب.

- أهداف الخطة الفرديّة تشمل تعميم المهارة في البيئة الطبيعية وعدم تكرار الأهداف المُتقَنَة والمُتَعَلَّمَة.

- البدء بتقليد المهارات البسيطة ومن ثم التقدم مثلًا تعليم تقليد حركة واحدة ثم عدة حركات متتابعة لكي يتمكن من إتقان مهارات أكثر تعقيدًا.


المراجع:

Lowry, L. (2016). Imitation with Children on the Autism Spectrum: More Than Just a Game of Copycat. The Hanen Center.

http://www.hanen.org/Helpful-Info/Articles/Imitation-with-Children-on-the-Autism-Spectrum.aspx



bottom of page