عندما يكون الشخص جائعًا من الممكن أن يذهب إلى مطعم فيطلب وجبة ويحصل عليها ويتناولها، يحصل الشخص على الوجبة التي يريدها عن طريق طلبها أو عن طريق التواصل، قد يقوم العامل في المطعم بخطأٍ في الطلب فيتواصل العميل معه ويخبره بالخطأ لتصحيحه. في موقف آخر يشعر الفرد بالبرد من التكييف فيطلب من زميله إطفاء المكيف فيطفئ التكييف. نرى في هذه الأمثلة أنّ الفرد يقوم بالتعبير عن احتياجاته اليومية وأنّها تُقبَل -عادةً- من الآخرين ويحصل على ما يريد.
يبدأ الشخص بالطلب من سنِّ الرضاعة، فيبكي للتعبير عن الجوع والبرد وعدم الارتياح وغيرها. وذلك لأنّه لم يُطوّر بعد مهاراته في التواصل، ولا يملك إلا البكاء للتعبير عن جميع احتياجاته. ومع مرور الزمن يتعلم التواصل عن طريق ملاحظة والديهم ومَن حوله وكيف يتواصلون مع بعضهم البعض فيتعلّم أن يطلب ما يريد بالطريقة المُتعارف عليها مُجتمَعيًّا كما يفعل والديه بدلًا عن البكاء والصراخ.
لكن هناك العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يتعلمون بهذه الطريقة. من الممكن أن يستمرّ بعضهم بالبكاء عندما يريدون الحصول على شيء ما حتى بعد مرحلة الطفولة، أو قد يقومون بسحب يد الأم إلى الشيء الذي يريدونه، أو القيام ببعض السلوكيات مثل الضرب والعضّ وإيذاء النفس والآخرين للتعبير عن احتياجاتهم. فقد نسمع بعض الأمهات تقول بأنّ ابني يعضّ يده فأعرف أنّه جائع فأقدم له ما يأكله فيتوقف عن عض يده، أو أنّه يضرب رأسه بكلتا يديه فأعرف أنه يريد أن أُطفئ النور العالي أو أُخفض الصوت المرتفع، فأُطفئ الإضاءة وأُخفض الصوت فيهدأ.
ضرب الرأس، عض اليد وغيرها من السلوكيات الغير مقبولة قد تبدو أنّها مشكلة سلوكية، ولكن لو تأملنا قليلا لوجدنا أنّها مشكلة سلوكية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا كبيرًا بالتواصل، هذه السلوكيات (عض اليد، ضرب الرأس) طريقة تواصل يحاول الطفل أن يقول: أنا جائع أُريد أن آكل، أو أن الصوت والضوء العالي يزعجني أرجو أنْ تقوموا بإطفائه. إذا كانت المشكلة عدم قدرة الطفل على التواصل بالطريقة الشائعة بين الناس، فيجب البدء بتدريب الطفل على تواصل مفهوم بين جمع الأطراف بعيدًا عن الضرب، العض، الإيذاء إلخ...، من الممكن أنْ يكون التواصل على شكل كلام، لغة الإشارة، صور، بناءً على قدرة الطفل. يجب أن يَستهدِف التدريب تعليم الطفل أن يطلب ما يريد كأنْ يطلب أنْ يأكل بدلًا من عض يده أو أنْ يطلب تغير شيء لا يريده في البيئة كإغلاق النافذة، إطفاء النور وغيرها بدلًا من البكاء أو الصراخ أو إيذاء النفس.
نقاط تؤخذ بعين الاعتبار
فئة ذوي التوحد يعانون من ضعف المهارات الاجتماعية والتواصل وقد يبدو أنّهم أكثر فئة تحتاج إلى تدريب التواصل، لكن هذا لا يعني أنّها الفئة الوحيدة التي تحتاج إلى المساعدة بل من الممكن أنّ يشمل التدريب العديد من أفراد ذوي الإعاقات الأخرى حسب الحاجة.
يُفضّل البدء بحل المشكلة مبكرًا قدر الإمكان ولكن إذا لم يُقدّم التدريب مبكرًا فيمكن أنْ يُقدّم في أي عمر. من الممكن تدريب طفل عمره ٣ سنوات أو شخص عمره ٣٠ سنة، لا تعتقد أنّه إذا لم يتم التدريب في عمر معيّن فإنّ الشخص غير قادرٍ على التعلُّم وأنّ التدريب لن يؤدي إلى نتيجة، لم يَفُتِ الأوان لتدريب أي شخصٍ أي مهارة يحتاجها.
إذا كان الطفل يستطيع التواصل ولكن يقوم بعمل مشاكل سلوكية ننصح بقراءة مقال ( لماذا يتصرف هكذا؟) لمعرفة أسباب حدوث السلوك ولماذا يقوم الطفل بالسلوكيات الغير مرغوبة.